الاحتشاء الدماغي
CEREBRAL INFARCTION
ينجم احتشاء الدماغ غالباً عن داء الانصمام الخثاري Thromboembolic Disease الناجم عن التصلب العصيدي في الشرايين الرئيسية خارج القحف (الشريان السباتي والقوس الأبهرية).
وتكون حوالي 20% من الاحتشاءات نتيجة للانصمام من القلب و 20% أخرى ناجمة عن انسداد الأوعية العدسية المخططة الثاقبة بمرض داخلي المنشأ (التنكس الزجاجي الشحمي Lipohyalinosis) مما يسبب حدوث ما يسمى الاحتشاءات الجوبية Lacunar.
إن عوامل الخطورة للسكتة الإقفارية تعكس عوامل الخطورة لهذه الأمراض الوعائية المستبطنة (انظر الجدول 52).
الجدول 52: عوامل الخطورة في السكتة.
· العوامل غير القابلة للتعديل: · العمر.
· الجنس (الذكور أكثر من الإناث ويستثنى من ذلك الأشخاص الصغار جداً أو المسنون جداً).
· العرق (الأفارقة الكاريبيون أكثر من الآسيويين وهؤلاء بدورهم أكثر من الأوروبيين).
· الوراثة.
· الحادث الوعائي السابق مثلاً احتشاء العضلة القلبية أو السكتة أو الصمة المحيطية.
العوامل القابلة للتعديل: · فرط ضغط الدم.
· المرض القلبي (قصور القلب، الرجفان الأذيني، التهاب الشغاف).
· الداء السكري.
· فرط شحميات الدم.
· التدخين.
· الاستهلاك الزائد للكحول.
· احمرار الدم.
· مانعات الحمل الفموية.
الفيزيولوجيا المرضية:إن الاحتشاء الدماغي هو عملية تحتاج إلى عدة ساعات حتى تكتمل، رغم أن عجز المريض قد يكون أعظمياً في الفترة القريبة من بداية حدوث الانسداد الوعائي المسبب. وبعد انسداد الشريان الدماغي فإن انفتاح الأقنية التفاغرية من المناطق الشريانية الأخرى قد يعيد التروية إلى منقطقة الشريان المسدود. والأكثر من ذلك أن تناقص ضغط الإرواء يؤدي إلى تبدلات استتبابية أخرى للمحافظة على أكسجة الدماغ (انظر وهذه التغيرات المعاوضة يمكن أن تمنع ظهور تأثيرات ظاهرة سريرياً حتى لو كان الشريان السباتي هو المسدود.
الاستجابات الاستتبابية لانخفاض ضغط الإرواء في الدماغ بعد الانسداد الشرياني.
A. يحافظ التوسع الوعائي في البداية على الجريان الدموي الدماغي.
B. لكن بعد حدوث التوسع الوعائي الأعظمي يؤدي الهبوط الإضافي في ضغط الإرواء إلى انخفاض الجريان الدموي. ولكن زيادة استخلاص الأكسجين من النسيج يحافظ على معدل الاستقلابي الدماغي للأكسجين.
C. ومع استمرار انخفاض التروية وبالتالي عدم قدرة الجريان الدموي على المعاوضة ينخفض توافر الأكسجين الدماغي وتظهر الأعراض ثم الاحتشاء.
عندما تفشل هذه الآليات الاستتبابية فإن عملية الإقفار تبدأ، وهي تؤدي في النهاية إلى الاحتشاء. ومع انخفاض جريان الدم الدماغي فإن العديد من الوظائف العصبونية تفشل عند عتبات مختلفة
عتبات الإقفار الدماغي.
تظهر أعراض الإقفار الدماغي عندما ينخفض الجريان الدموي إلى أقل من نصف الجريان في الحالة السوية ويصبح التزويد بالطاقة غير كاف للمحافظة على الوظيفة الكهربية العصبونية.
يمكن أن يحدث الشفاء التام إلا إذا بقي هذا المستوى من الجريان الدموي لفترات مديدة.
إن حدوث انخفاض آخر في الجريان الدموي تحت مستوى العتبة التالية يسبب فشلاً في مضخات الأيون الخلوية ويبدأئ شلال الإقفار مما يؤدي لموت الخلية.
يمكن للنسيج الدماغي أن يتحمل مثل هذه الدرجة من نقص الجريان الدموي لفترات وجيزة دون حدوث الاحتشاء.
ومع هبوط الجريان الدموي تحت العتبة اللازمة للمحافظة على الفعالية الكهربية يظهر العيب العصبي. وعند هذا المستوى من الجريان الدموي تكون العصبونات ما زالت قابلة للحياة (عيوشة) Viable بحيث أن الجريان الدموي إذا ازداد مرة أخرى فإن الوظيفة العصبية تعود ويكون لدى المريبض في هذه الحالة نوبة إقفار عابرة. ولكن إذا هبط الجريان الدموي أكثر فإن المستوى يصل إلى الدرجة التي تبدأ فيها عملية الموت الخلوي.
يؤدي نقص التأكسج Hypoxia إلى عدم كفاية التزويد بثلاثي فسفات الأدينوزين (ATP) والذي يؤدي بدوره إلى فقد وظيفة المضخات الغشائية وهذا ما يسمح بتدفق الصوديوم والماء إلى الخلية (الوذمة السامة للخلايا Cytotoxic Edema) وتحرر الغلوتامات وهو الناقل العصبي الاستثاري إلى السائل خارج الخلوي. يفتح الغلوتامات أقنية الغشاء مما يسمح بتدفق Influx الكالسيوم والمزيد من الصوديوم إلى العصبونات. إن الكالسيوم الذي يدخل إلى العصبونات ينشط الأنزيمات داخل الخلوية التي تكمل العملية التخريبية. تسوء عملية الاحتشاء بالإنتاج اللاهوائي لحمض اللبن والهبوط التالي في الـPH النسيجي.
عملية الإقفار والاحتشاء العصبوني.(1) يؤدي انخفاض الجريان الدموي إلى نقص التزويد بالأكسجين وبالتالي نقص الـATP. ويتم إنتاج +H بواسطة الاستقلاب اللاهوائي للغلوكوز المتوفر.
(2) تفشل مضخات الغشاء الأيونية المعتمدة على الطاقة مما يؤدي إلى وذمة سامة للخلية وزوال استقطاب الغشاء وهذا يسمح بدخول الكالسيوم وتحرير الغلوتامات.
(3) يدخل الكالسيوم الخلايا عن طريق الأقنية ذات بوابة الغلوتامات Glutamate-Gated Channels و (4) يقوم بتفعيل الأنزيمات المخربة داخل الخلية، مما يؤدي إلى (5) تدمير العضيات داخل الخلوية والغشاء الخلوي مع تحرر الجذور الحرة. يؤدي تحرر الحمض الدسم الحر إلى تفعيل السبل المحفزة للتخثر Pro-Coagulant Pathways التي تزيد شدة الإقفار الموضعي.
(6) تلتقط الخلايا الدبقية الـH+، ولا تستطيع التقاط الغلوتامات خارج الخلوي كما تعاني من الموت الخلوي مما يؤدي إلى النخر التميعي Liquefactive Necrosis في كامل منطقة الشريان.
إن النتيجة النهائية لانسداد الوعاء الدموي الدماغي تعتمد لذلك على كفاية الآليات الدورانية الاستتبابية وشدة النقص في الجريان الدموي ومدته. إذا حدثت الأذية الإقفارية في البطانة الوعائية فإن استعادة الجريان الدموي قد تسبب النزف في المنطقة المحتشية. وهذا الأمر من المحتمل أن يحدث بشكل خاص بعد الانسداد الصمي عندما يتم حل الصمة بواسطة الآليات الدموية الحالة للخثرة.
يمكن رؤية الاحتشاء الدماغي شعاعياً على شكل آفة تتكون من نسيج دماغي مقفر (ناقص التروية) Ischaemic ومتورم لكنه قابل للشفاء (الظل الناقص الإقفاري The Ischaemic Penumbra) والنسيج الدماغي الميت الذي يخضع للتو لعملية التحلل الذاتي Autolysis. يتورم الاحتشاء مع الوقت ويبلغ حجمه الأعظمي خلال يومين من بداية السكتة. وفي هذه المرحلة قد يكون كبيرةاً لدرجة كافية لإحداث بعض التأثير الكتلي سريرياً وشعاعياً. وبعد مضي عدة أسابيع تختفي الوذمة ويحل مكان المنطقة المحتشية جوف محدد بوضوح مملوء بالسائل.