هناك
علماء تستفز أبحاثهم المعتقدات السائدة في عصرهم، عالم الكيمياء الحيوية
الأمريكي كريغ فينتر واحد من هؤلاء. فقبل 10 سنوات نجح في فك الشفرة
الوراثية للإنسان محدثا ثورة في علم الجينات، والآن يريد تصميم كائنات
اصطناعية.
في السادس من نيسان/ أبريل عام 2000 أعلن عالم الكيمياء الحيوية
الأمريكي كريغ فينتر Craig Venter عن نجاحه في التعرف على معظم الجينات
المكونة للجينوم البشري. واليوم لا يكاد يمر شهر دون أن نقرأ أو نسمع عن
نجاح العلماء في فك الشفرة الوراثية لأحد الكائنات أو النباتات. خلال هذا
الأسبوع أكد فريق دولي من العلماء وجود أكثر من 800 جين مسئولة عن التغريد
لدى طائر الحسٌون المخطط (zebra finch) والمعروف بجمال صوته بعد نجاحهم في
فك شفرته الوراثية.الفضل في هذه النجاحات يعود
بشكل جزئي إلى عالم الكيمياء الحيوية الأمريكي كريغ فينتر الذي دخل في
منافسة مع العلماء المموّلين من طرف الدولة حين أسس شركة “سيليرا
جينوميكس” في عام 1998 ليعلن بعد مرور عامين فقط عن نجاحه في التعرف على
معظم الأجزاء المكونة للجينوم البشري.
عصامي لا يكترث لأقاويل الآخرين
ويصف كريغ فينتر نفسه بأنه شخص لا يكترث أبدا لتعليقات الآخرين ولا
يسمح لهم بالتأثير عليه. ويضيف أنه يجهد نفسه في البحث عن المعلومات
ليكوّن رأيا خاصا به. بدأ حياته العلمية كباحث في المشروع الرسمي الأمريكي
لدراسة الجينوم البشري، لكن طريقة عمل زملائه لم ترق له، وحتى اليوم لا
يتوانى في انتقادهم ويقول في هذا السياق ” هناك أناس يعتقدون أنهم ختموا
جميع العلوم بعد تخرجهم من الجامعة، وهم يعرفون ماذا يريدون ولا يبدلون
قناعاتهم أبدا. أما أنا فمازلت أبحث عما أريد عمله”.
وفي عام 1998 قرر فينتر الانفصال عن زملائه وتأسيس شركة خاصة به هدفها
فك الشفرة الوراثية للإنسان. وعلل خطوته هذه بأن زملاءه كانوا يعملون ببطئ
السلحفاة “لو كنت من القادرين على التأقلم لواصلت العمل كباقي الزملاء،
ولما تمكنا حتى اليوم من فك الشفرة الوراثية للإنسان”.
أبحاث تستفز المعتقدات الدينية
كريغ فينتر البالغ من العمر ثلاثة وستين عاما يسعى إلى خدمة البشرية
عبر أبحاثه، ويقول البعض إنه يحاكي عملية الخلق، أما هو فيقول “إن البعض
قد يعتبر أبحاثي ضربا من الخيال العلمي”، لكنه واثق من أن نظرية التصميم /
Design التي يؤمن بها ونظرية “الانتقاء الجيني الخاص” ستحلان ذات يوم محل
نظرية التطور التي وضعها داروين.
ولا يبالي فينتر بالمعايير الدينية والأخلاقية حيث إنه يعتقد أن
الإنسان سيتمكن قريبا من تصميم كائنات حية اصطناعية. وفعلا فقد عرض فينتر
في عام 2007 أول بكتيريا اصطناعية “صممها” بنفسه. وهو يسعى عبر هذه
البكتيريا إلى إيجاد حل لمشكلة الطاقة في العالم وإلى وقف التغير المناخي.
ويعبر العالم فينتر عن اعتقاده بإمكانية “حل مشكلة الوقود بمساعدة
البكتيريا الاصطناعية. فبدلا من استخراج الفحم من باطن الأرض، يمكن
للبكتيريا الاصطناعية أن تحول أشعة الشمس إلى طاقة”. كما يعتقد بإمكانية
“تصميم” بكتيريا قادرة على امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الجو وأخرى قادرة
على إنتاج كميات كبيرة من غاز الميث