التهاب المري القلسي
esophagitis reflux
esophagitis reflux
مقدمــة
التهاب المري القلسي (الجزري) هو التهاب في المري ناتج عن قصور في الصمام (المصرة المريئية السفلية) الواقع بين المري و المعدة ، حيث يمنع هذا الصمام في الحالة الطبيعية التدفق الراجع للعصارة المعدية إلى المري .
يسبب التهاب المري القلسي أعراضاً عامة لا تولى الأهمية وهي متكررة ويمكن السيطرة عليها بالعلاجات المنزلية البسيطة أو بمضادات الحموضة ، لكن إهمال معالجتها يمكن أن يتبع بتطور الحالة لمرض خطير عند بعض الأشخاص .
ما هو الجزر المعدي المريئي ؟
إن الجزر المعدي المريئي هو تدفق محتويات المعدة إلى بشكل راجع إلى المري . في الأحوال الطبيعية تفتح المصرة المريئية السفلية لتسمح للطعام و السوائل بالمرور للمعدة ثم تغلق لتمنع الطعام والعصارة المعدية الحامضية من الرجوع إلى المري . يحدث الجزر عندما تكون المصرة المريئية السفلية إما ضعيفة أو نتيجة حدوث ارتخاء غير ملائم لها مما يسمح لمحتويات المعدة المهضومة لتدفق عائد مسببة التهاباً في المري .
هل يحدث الجزر عند الأشخاص الأصحاء ؟
يظهر الأنبوب الصغير و الذي يقيس الحموضة عندما يوضع في المري أن كل شخص يحدث عنده فترات قصيرة من الجزر و التي تدوم لمدة قصيرة تقدر بدقيقة أو دقيقتين ، و بوقت كلي يقدر بأقل من نصف ساعة في الأربع و عشرين ساعة .
يحدث الالتهاب عندما يطول تأثير أو ظهور المحتوى المعدي في المري و عندما تحتوي العصارة المعدية الراجعة على كمية عالية من الحمض و الببسين (أحد أنزيمات المعدة) .
لماذا يلتهب المري دون المعدة ؟
إن الوظيفة الهامة للمعدة هي إنتاج وخزن الحموض القوية جداً (حمض كلور الماء) ، حيث يفيد هذا الحمض في قتل العضويات المعدية الممرضة غير المرغوب بها . كما أن المعدة وبالإضافة لدورها في خزن العصارة والتي بإمكانها هضم الأنسجة و الأعضاء الأخرى تشكل طبقة مانعة فعالة تحميها ، كما لو أنها إناء من الخزف (مادة مقاومة للحرارة و التآكل) .
- إن الإعجاز الإلهي في المعدة هو أنه ورغم الطبقة الواقية اللافتة للنظر لحماية المعدة فإنها ما تزال قادرة على أن تسمح بمرور الطعام والسوائل التي يحتاجها الجسم .
- إن الطبقة الواقية المغطية للمري هي أضعف ، ولم تصمم لتقاوم التأثير العدائي للعصارة المعدية الحمضية . حيث تكفي لتقوم بدور الحماية المؤقتة ولكن عندما تطول فترة الجزر يحدث الالتهاب مع التورم و الاحمرار و الألم في بعض الأحيان (علامات التهاب المري) .
ما هي مسببات التهاب المري القلسي ؟
يمكن إدراج الأسباب في حالتين : المصرة المريئية السفلية طبيعية ، أو وجود ضعف وظيفي في المصرة المريئية .
- يحدث القلس مع وجود مصرة طبيعية في الحالات التي تغلب الزيادة في الضغط في البطن على قوة الصمام الطبيعي ، مثل ارتفاع الضغط المترافق مع الحمل أو البدانة أو الانحناء عند امتلاء البطن و وجود كميات كبيرة من السائل الحر في البطن (الحبن) ، أو الجهد الفيزيائي الذي يتضمن السعال و الاقياء أو الإجهاد و في بعض الأحيان الملابس الضيقة جداً .
- بالمقابل يمكن أن ينجم الضعف في ضغط المصرة الوظيفي كنتيجة لتناول بعض الأطعمة مثل القهوة و الشوكولا و النعناع و الطعام الدهني المقلي و الكحول و بعض الأدوية الصيدلانية ، كذلك يمكن أن يسبب التدخين ارتخاء في المصرة .
- ما يزال دور الفتق الحجابي في القلس موضع جدل حتى الآن.
ما هو الفتق الحجابي؟
يقال أن الشخص يعاني من فتق حجابي عندما يصعد الجزء العلوي من المعدة إلى داخل الصدر من خلال الحجاب الحاجز . في الحالة الطبيعية فإن الصمام المعدي المريئي يخضع لدعم إضافي من العضلات الموجودة في الحجاب الحاجز ، وعندما لا تكون المعدة في وضعيتها المناسبة مع نقص دعم الحجاب الحاجز يكون هنالك انخفاض في الضغط المتاح لمنع الجزر .
- يعاني الكثير من الأشخاص الأصحاء من فتق حجابي صغير ، وكلما ازداد العمر كان الفتق الحجابي أكثر شيوعاً كما يمكن أن يظهر بالفحص الشعاعي عند معظم الأشخاص فوق 50 سنة . والكثير ممن عندهم فتق حجابي ليس لديهم أعراض وحتى من غير المحتمل أن يكون عندهم أعراض وحتى أنه يتم النقاش حالياً فيما إذا كان الفتق الحجابي هو تغير طبيعي يحدث مع التقدم في العمر إضافة إلى عدم اعتباره كمرض .
- من ناحية أخرى فإن الفتق الحجابي يترافق مع التهاب مري قلسي أكثر من المتوقع مؤكداً على أن النقص في تأثير العضلات في الحجاب الحاجز و التغير في الزاوية التي يدخل بها المري إلى المعدة كافي ليضعف التأثير الميكانيكي للمصرة والتي تلعب دوراً هاماً في الكثير من أمراض الجزر المريئي .
ما هي أعراض التهاب المري القلسي ؟
تعتبر حرقة الفؤاد العلامة الواسمة في التهاب المري القلسي ، وتوصف كألم حارق خلف عظم القص (العظم في منتصف الصدر) يحدث بشكل شائع بعد الطعام ، كما أنه ممكن الحدوث عند الانحناء أو الاستلقاء (الاضطجاع) أو بعد الجهد أو بعد تناول القهوة أو حتى مع الشدة العاطفية ، ومن الممكن أن يستمر حتى ساعتين ويخف بتناول مضادات الحموضة . كذلك يمكن أن تحدث حرقة الفؤاد نتيجة تشنج العضلات المريئية بدون حدوث التهاب ومن الممكن أيضاً أن تختلط مع الألم القلبي حيث من الهام جداً أن يتم التمييز بين الألم القلبي و الألم المريئي فالألم القلبي يترافق عادةً مع الجهد و قد ينتشر إلى الذراع الأيسر .
- قد تتطور أعراض أخرى نتيجة استنشاق محتويات المعدة الراجعة (أي دخول شيء من الطعام الموجود في المعدة إلى المجاري التنفسية نتيجة الجزر) ، ومنها المشي في الليل مع السعال أو الشعور بضيق في الصدر وأزيز .
كيف يشخص التهاب المري القلسي ؟
يعتبر التنظير الداخلي هو المعيار الذهبي للتشخيص ، فهو يفيد في أخذ صور للمظهر الداخلي للمري إضافة لأخذ خزعة أيضاً . ولأن الأعراض في هذا المرض وصفية فيمكن الاعتماد على القصة السريرية فقط لكن بشرط استبعاد السبب القلبي لهذا الألم . وإذا لم تتحسن الأعراض على المعالجة فينصح بإجراء تنظير هضمي .
ما هي الخيارات العلاجية في التهاب المري القلسي ؟
يجب أن يراعي العلاج ظروف الحياة و عواملها آخذاً بعين الاعتبار العلاج الدوائي والجراحي .
التغيرات الواجب إتباعها في أسلوب الحياة :
:: التقليل أو الامتناع عن تناول الأطعمة و الأشربة التي تقوم بإنقاص القوة الميكانيكية للمصرة المريئية السفلية مثل الشوكولا والقهوة والنعناع والأطعمة المقلية والدهنية والكحول .
:: التقليل أو الحد من الأطعمة التي تهيج الأنسجة الملتهبة مثل الفواكه والعصائر الحامضية و الفلفل و بعض منتجات الطماطم ، وكذلك إيقاف التدخين وخفض الوزن إن كان هناك زيادة في الوزن وتقليل كمية الطعام في الوجبات اليومية .
:: مراعاة ارتفاع الوسادة عند النوم لتكون في وضعية أفضل تساعد على نزح الطعام من المعدة .
الخيارات العلاجية الدوائية المتوفرة :
:: يمكن لمضادات الحموضة المتناولة بانتظام أن تعدل حموضة المعدة والمري ، وهي أكثر الأدوية بساطة للسيطرة على الأعراض المعتدلة جداً ، تذكر أن عمل هذه الأدوية مؤقت و لها تأثيرات جانبية عديدة .
:: يعتبر خفض إنتاج الحمض (حمض كور الماء) من المعدة أكثر نوعية . تستطيع فئة من الأدوية تدعى حاصرات مستقبلات الهيستامين 2 على خفض إنتاج الحمض المعدي بمقدار 70-90% ، ومن هذه الفئة يتوفر حالياً السيميتيدين ، رانيتيدين ، فاموتيدين ، نيزاتيدين و هي تستخدم إما بشكل متقطع أو في برامج العلاج المطول .
كما يمكن إنقاص الحمض عن طريق استخدام فئة دوائية أخرى تدعى مثبطات مضخة البروتون PPi (الأشيع في الاستعمال السريري) ، وهي تستخدم غالباً وبشكل خاص في الأمراض الحادة جداً . حيث يوجد ثلاث مثبطات لمضخة البروتون هي أوميبرازول ، بنتوبراكسول ، و اللانزوبرول .
:: و من العلاجات الأخرى المقترحة عوامل البروكنيتيك و التي تقوم بتصفية السائل من المري و تحسن من مقوية المصرة المريئية السفلية . ويوجد ثلاثة عوامل متوفرة هي ميتوكلوبراميد ، دوميبريدون و سيسابريد .
دور الجراحة في العلاج :
ما يزال استخدام الجراحة في معالجة التهاب المري الجزري قيد الجدل ، حيث يأخذ الجراحون دورهم في التعامل مع المرضى في حالة المرض الناتج عن إهمال المعالجة الدوائية و في حالة حدوث الاختلاطات المرافقة للمرض .
إن التطورات الحديثة في تقنيات الجراحة التنظرية للبطن - ليست باضعة كالجراحة المفتوحة - قد جددت الاهتمام بالجراحة في معالجة الأشكال الأقل شدة للمرض ، حيث يمكن إجراء ثني قاع المعدة مع تعديل الزاوية الواقعة بين المري و المعدة جاعلةً إياها أكثر حدة و بالتالي خلق فعل صمامي و الذي يغلق عندما يزداد الضغط داخل المعدة .
ما هي مضاعفات التهاب المري الجزري (القلسي)؟
قد تتطور في بعض الأحيان مضاعفات خطيرة ، فمن الممكن حدوث نزف أو أن تتطور القرحات مؤدية إلى تندبات وتضيق المري . يعتبر السرطان نادر الحدوث كاختلاط هنا لكننا لا نستطيع إهماله .
الخاتمة
يعتبر التهاب المري الجزري اضطراباً يترافق مع طيف واسع من الأعراض و التي تفسد الحياة عند البعض ويمكن أن تتسبب بأمراض شديدة مهددة للحياة ، لذا يجب عدم إهمال الأعراض و اعتبارها قليلة الأهمية أو تافهة .
لقد تقدمت خيارات العلاج عبر الزمن بدءاً بالأدوية الكيماوية وانتهاءً بالخيارات الجراحية ، حيث تعتبر جراحة ثني القاع التنظيرية من أحدث الطرق في الوقت الحالي