موسوعة امراض الاذن
شهدت الساحة العلمية تطورات عديدة على صعيد معالجة الصمم عند الأطفال والبالغين، ومنها زراعة الأجهزة في القوقعة التي تهدف إلى استبدال الجزء المعطوب في آلية السمع. وعلى الرغم من أن فقدان السمع سيظل يشكل مشكلة إلا أن أعداد المصابين به سينخفض ما أن تصبح هذه العمليات متوفرة على نطاق واسع. ويصف البروفيسور جيرارد أو دوناجهو ، خبير طب الأذن في مركز كوينز الطبي في نوتنجهام، زراعة القوقعة بأنها تطور عظيم. كما أن أخصائيي الأذن والأنف والحنجرة، يعتبرون هذه العمليات من أهم التطورات الحديثة في هذا المجال. فباستطاعة هذه العملية أن تساعد الأشخاص المصابين بالصمم العصبي الناجم عن فشل أجزاء في الأذن الداخلية على تحفيز العصب السمعي.
ويعتبر هذا التحفيز الحلقة الأخيرة في سلسلة العمليات المسؤولة عن السمع كما أنها هي التي تساعد الدماغ على ترجمة الأصوات. ويوضع الجسم المزروع على عمق يقارب 3 سنتيمترات في قناة الأذن، ويتضمن أقطابا لتحفيز العصب مباشرة. وبواسطة هذا الجسم يستطيع الأشخاص المصابون بــالصمم الحاد (أي الذين لا يستطيعون سماع الأصوات التي تقل قوتها عن 75-95 ديسيبل) وكذلك الأشخاص المصابون بالصمم الشديد (الذين لا يسمعون الأصوات تحت 95 ديسيبل) والمصابون بالصمم التام. ويقول الخبراء إن تمكين الأطفال من استعادة القدرة على السمع في أبكر وقت ممكن هي مسألة في غاية الأهمية بالنسبة لتطورهم الذهني.
وأمام الأطفال الذين يعانون من مشاكل في التطور بسبب عدم القدرة على التواصل، فرصة الآن للتطور على غرار الأطفال الذين يتمتعون بحاسة سمع طبيعية، كما باستطاعتهم الذهاب إلى المدارس العادية.
أعراض الصمم
قد يكون فقدان السمع جزئيا أو كاملا، ويمكن أن يحدث في إذن واحدة أو الاثنتين معا.
اما فقدان السمع الناجم عن التقدم في العمر فله أعراض واضحة ، حيث تصبح الأصوات ضعيفة وغير واضحة. ولا يستطيع الشخص المصاب بهذا النوع من الصمم سماع أصوات حروف “ف” و”س” و”ز”، وبالتالي تصبح المحادثة صعبة. وهناك أعراض أخرى تشمل الطنين وفقدان التوازن والشعور بالدوار.
وهناك نوعان من الصمم حسب الجزء المعطوب من الأذن. فتحدث الإصابة بالصمم التوصيلي عندما تفشل الأصوات في الوصول إلى الأذن الداخلية، وقد يعود هذا الأمر إلى وجود خلل في طبلة الأذن أو في العظام الثلاثة المتصلة في الأذن الوسطى (العظم المطرقي وعظم السندان العظم الركابي).
وغالبا ما يحدث الصمم التوصيلي نتيجة انسداد الجزء الخارجي من قناة الأذن بسبب مادة شمعية تفرزها الأذن تسمى الصملاخ. ويمكن أن يصاب الأطفال بالصمم التوصيلي نتيجة عدوى في الأذن الوسطى.
اما النوع الثاني من الصمم فهو الصمم العصبي ، وفي هذه الحالة يتشتت الصوت بعد وصوله إلى الأذن الداخلية وربما يكون ذلك نتيجة خلل في بنية الأذن الداخلية (غالبا ما يكون خلل خلقي بسبب الوراثة أو بسبب إصابة الأم باليرقان أو بالحصبة الألمانية خلال فترة الحمل). وقد تنشأ الإصابة بالصمم العصبي، نتيجة خلل في العصب السمعي الذي ينقل المعلومات الصوتية إلى الدماغ وقد يتمثل هذا الخلل في ورم حميد يضغط على العصب. ومن الممكن أن تصاب الأذن الداخلية بأضرار بعد التعرض لأصوات عالية أو العقاقير (مثل المضاد الحيوي ستريبتوميسين) والعدوى الفيروسية أو الإصابة بمرض منيرز (فرط السائل في أجراء من الأذن الداخلية) Meniere's Disease .
العلاج
يعتبر الصمم التوصيلي حالة قابلة للعلاج ، حيث تتم إزالة الصملاخ باستخدام محقنة خاصة، ويمكن معالجة الأذن الصمغية عند الأطفال عن طريق الجراحة لنزح السائل من الأذن الوسطى. وفي حال لم يلتئم غشاء طبلة الأذن من تلقائه، وفي أغلب الأحيان يلتئم، فيمكن ترميمه جراحيا.
وأما بالنسبة للصمم العصبي فيتم علاجه في غالب الأحيان باستخدام أجهزة سمعية مساعدة، ذلك لأن بنية الأذن الداخلية حساسة جدا لا تستطيع تحمل عملية جراحية. وتقوم الأجهزة المساعدة بتضخيم الصوت الذي يصل إلى الأذن الداخلية. وقد حققت الأجهزة التي تزرع في القوقعة والتي تتضمن أقطابا تعمل على تحفيز العصب السمعي، نجاحا كبيرا في إعادة القدرة على السمع للأطفال الذين يعانون من صمم تام منذ الولادة.
التهاب قناة الأذن الخارجية
في هذه الحالة ينتفخ جلد قناة الأذن ويصبح لونه أحمر. وغالبا ما يرافق ذلك خروج مادة من الأذن بالإضافة إلى الشعور بألم شديد، ولكن ما لم يسد الصديد قناة الأذن، فلن تتأثر القدرة على السمع.
ومن أسباب التهاب القناة الارتفاع الموضعي في درجة الحرارة نتيجة الإصابة بعدوى بكتيرية (ستافيلوكوكسي).
وقد يتسبب فيروس القوباء بظهور تقرحات ولكن الالتهاب قد ينجم أيضا عن اضطرابات جلدية أشمل مثل الاكزيما أو الالتهاب الجلدي الدهني. ويمكن تشخيص الحالة باستخدام منظار الأذن، كما يمكن تحليل الصديد لتحديد البكتيريا أو الفيروس المسؤول.
وبالنسبة للعلاج ، يقوم المختص بتنظيف وتجفيف الأذن. ويمكن أيضا استخدام العقاقير التي تشمل مضادات حيوية على شكل قطرات أذن أو مضادات فطرية أو عقاقير الكورتيكوستيرويد (لمعالجة الالتهاب).
وفي حال كانت الإصابة حادة وكانت قناة الأذن ضيقة، يمكن توصيل العقاقير بوساطة أنبوب خاص. ويعتقد أن عدم توصيل العقاقير إلى المكان الصحيح، يمكن أن يكون السبب في تفاقم بعض حالات التهاب الأذن الخارجية.
التهاب الأذن الوسطى
تشمل أعراض هذه الحالة الشعور المفاجئ بألم في الأذن والصمم والطنين وارتفاع درجة الحرارة، وقد ينز الصديد عبر طبلة الأذن. ويمكن أن تحدث الإصابة بالتهاب الأذن الوسطى، نتيجة عدوى في الجهاز التنفسي العلوي ، حيث يمكن أن ينتقل الفيروس أو البكتيريا إلى القناة السمعية التي تربط مؤخر الأنف بالأذن الوسطى.
ويؤدي الالتهاب إلى تضيق أو إغلاق القناة ومن ثم يتجمع السائل الناجم عن الالتهاب، في الأذن الوسطى. ويعتبر الأطفال أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالتهاب الأذن الوسطى لأن القناة السمعية عندهم قصيرة.
ويمكن تشخيص الحالة بوساطة منظار الأذن ومن ثم تأكيد الإصابة بالعدوى عن طريق القطالة (المادة التي يتم نزعها من مكان الإصابة بوساطة أداة تسمى القطيلة). ويشمل العلاج استخدام المضادات الحيوية ومسكنات الألم وغالبا ما تكون فعالة. وفي الحالات الشديدة، من الممكن أن يتم ثقب غشاء الطبل من أجل إزالة الصديد.
الأذن الصمغية
يتمثل المؤشر الوحيد للإصابة بالأذن الصمغية في فقدان السمع وقد يتجلى ذلك عند الأطفال من خلال عدم استجابتهم للأصوات. وتنشأ هذه الحالة من تراكم السائل اللزج في الأذن الوسطى التي لا تستطيع تصريفه بسبب انسداد القناة السمعية. وقد يحدث الانسداد بسبب تضخم الزائدة الأنفية. وكنتيجة لذلك، يعمل السائل على إعاقة العظام التي تنقل الاهتزازات (الأصوات) إلى الأذن الداخلية. وقد تنشأ الإصابة بالأذن الصمغية نتيجة الإصابة بالرشح أو بأنواع أخرى من العدوى الفيروسية في الجهاز التنفسي العلوي ، ويقول الخبراء إنها أكثر انتشارا بين الأطفال الذين يعانون من الحساسية.
وفي حالات الإصابة المتوسطة يلجأ الأطباء إلى وصف قطرات أنفية تعمل على فتح القناة السمعية وعادة ما يتم التخلص من العدوى في غضون ثلاثة أشهر.
وفي حال تبين أن الزوائد الانفية المتضخمة هي المسؤول عن الحالة المرضية، من الممكن استئصالها بعملية جراحية.
ومن جهته، لا يؤمن بعض جراحي الأنف والأذن والحنجرة بأن طريقة تقويم عظم الجمجمة أو أية طريقة بديلة أخرى، يمكن أن تعالج هذه الحالة. ويجب أن تتم إزاحة السائل عن طريق ثقب غشاء الطبل حيث يتم إدخال أنبوب خاص في الأذن لتصريف السائل المخاطي عبر القناة السمعية.
ويقول المراقبون إن الإصابة بالأذن الصمغية شائعة عند الأطفال وهناك مخاوف من أن هؤلاء لا يتلقون العلاج في وقت مبكر نظرا لاتباع سياسة “المراقبة الحذرة” لمعرفة ما إذا كانت حالة الطفل المصاب ستتحسن خلال ثلاثة أشهر. وقد أشار مؤخرا الخبير مارك هاجارد من مركز أبحاث السمع في مدينة نوتنجهام البريطانية، إلى أن فقدان السمع الناجم عن الأذن الصمغية يمكن أن يقود إلى مشاكل تعليمية وسلوكية في المرحلة المتقدمة من الطفولة.
وفي مقالة نشرتها مجلة “لانسيت” المتخصصة، قال الخبراء إن الإصابة بالأذن الصمغية قد تنجم عن بروتينات من المعدة تتجمع في الإذن الوسطى بسبب ما يسمى “الارتداد المعدي”. فقد أجرى فريق من الباحثين في جامعة نيوكاسل بقيادة الدكتور أندريا تاسكر اختبارات على التركيب الكيميائي لعينات من سائل الأذن من 54 طفلا، ووجدوا أن 45 عينة (85%) تحتوي على بروتينات المعدة. ويرجح الخبراء أن العصارة المعدية تسبب الالتهاب في الأذن الوسطى الأمر الذي يجعلها عرضة للإصابة بعدوى بكتيرية. وعليه، فإن توفر علاج يمنع تلك المواد الكيميائية من الوصول إلى الأذن، يوفر نوعاً من الوقاية.
تصلب الأذن
تشير الإحصائيات إلى أن واحدا من كل 200 بالغ يعاني من تصلب الأذن وغالبا ما تحدث الإصابة في مرحلة مبكرة من البلوغ، وفي بعض الأحيان خلال فترة الحمل. وتشمل أعراض هذه الحالة الوراثية التي تسبب صمما متزايدا، سماع أصوات مكتومة والطنين وفي بعض الأحيان الشعور بالدوار. وقد يصعب تمييز الأصوات ذات النبرات العالية، وغالبا ما تكون الأذنان مصابتين.
وتنشأ هذه الحالة عن النمو الزائد للعظم الركابي في الأذن الداخلية مما يؤدي إلى تصلبها، غير أن سبب حدوث ذلك غير معروف حتى الآن على الرغم أن الإصابة بتصلب الأذن هي أكثر الأسباب شيوعا التي تكمن وراء فقدان السمع عن البالغين تحت سن الأربعين. ويتم تشخيص الحالة عن طريق اختبارات السمع.
ويشتمل العلاج على استخدام أجهزة مساندة للسمع، ولكن يمكن تحقيق أفضل النتائج من خلال الجراحة التعويضية التي يتم فيها استبدال العظيم الركابي بآخر اصطناعي. ويقول الخبراء إن هذا الإجراء يمكن أن يعيد للمريض 90% من القدرة على السمع ولكنها في حالات قليلة جدا يمكن أن تتفاقم حالة الصمم.
طنين الأذن
تتلخص أعراض هذه الحالة في رنين مستمر أو صفير أو صوت هسيس قد يبدو إنه ناشئ من إحدى الاذنين أو كليهما أو الرأس أكثر من كونه ناشئا من أي مصدر خارجي. وقد تسمع هذه الاصوات بشكل مستمر أو بشكل متقطع.
ويعود سبب الطنين إلى تضرر الشعيرات الدقيقة داخل إحدى الأذنين، حيث تقوم هذه الشعيرات بتحفيز العصب السمعي ردا على ما يحدث داخل الأذن وخارجها أيضا.
ويعتبر الطنين الذي قد ينجم عن التعرض المتكرر للأصوات العالية، أحد الأعراض الشائعة لاضطرابات الأذن الأخرى مثل الصمم ومرض “منيرز” وعدوى الأذن الوسطى وتصلب الأذن.
وفي حالات نادرة، قد ينشأ الطنين نتيجة إصابة بالرأس أو نتيجة الإصابة بالانوريسما (تمدد الأوعية الدموية).
وتختلف درجة الإصابة من شخص إلى آخر، فالبعض يعتبر الحالة معوقة جدا في حين أن البعض الآخر يتقبلها بسهولة.
والعديد من المرضى يحاول التخلص من الطنين باللجوء إلى أصوات خارجية باستخدام السماعات الرأسية. وهناك أجهزة خاصة تساعد في التحايل على الطنين، إضافة إلى أن هناك بعض العقاقير المفيدة كونها تعمل على كبح عملية النقل العصبي. وباستطاعة أخصائي علاج السمع تعليم المريض كيفية التعايش مع الحالة كجزء من المعالجة.
ويذكر أن الباحثين يستخدمون في الوقت الحالي صور مسح الدماغ لتحديد المناطق الدماغية المسؤولة المتورطة في هذه الحالة.
مرض “منيرز”
على الرغم من ندرة الإصابة بهذا المرض إلا انه معروف جدا.
وتشتمل أعراض هذا المرض الذي يصيب الأذن الداخلية، على الصمم والطنين والشعور بالدوار. وهو حالة عرضية، أي يمكن أن تمضي فترة طويلة من دون أن يعاني المريض من أية نوبة.
وخلال نوبات الدوار التي يمكن أن يسقط خلالها المريض على الأرض ، قد تتفاقم حالة الصمم والطنين.
وتتراوح مدة النوبة بين بضع دقائق وبضع ساعات. ومن الممكن أن تتفاقم حالة الصمم بعد كل نوبة. وأما بالنسبة للأسباب، فيقول الخبراء إن المرض ينشأ عن زيادة السائل في الأذن الداخلية الأمر الذي يؤدي إلى تضرر منطقة في الأذن الداخلية تسمى “التيه” (قنوات في الأذن الداخلية مسؤولة عن التوازن) أو المنطقة المجاورة التي تسمى “القوقعة” (وهي العضو المسؤول عن تمرير الأصوات إلى الدماغ).
والواقع إن سبب ارتفاع مستوى السائل لا يزال يمثل لغزا ولكنه قد يحدث بسبب الإصابة بمرض تصلب الأذن. وتشير الإحصائيات إلى إنه بين كل خمس حالات، هناك حالة واحدة فقط تكون فيها إذن واحدة مصابة بالمرض، كما انه من النادر أن يصاب الأشخاص دون الخمسين بهذا المرض.
ويتم تشخيص المرض الذي يصيب واحدا من كل 100 ألف شخص، عن طريق اختبارات السمع. ويرتكز العلاج على الرعاية أكثر من التركيز على الشفاء. وقد يلجأ المختصون إلى وصف عقاقير مضادات القيء التي يمكن أن تساعد في السيطرة على الشعور بالغثيان والدوار. كما ينصح الأطباء بالبقاء في السرير خلال النوبات، وبالإضافة إلى ذلك يمكن إجراء عملية جراحية لاستئصال “التيه” من أجل التخلص من الشعور بالدوار.
الدوار الموضعي المتناوب الحميد
Benign positional vertigo
تتمثل أعراض هذا النوع من اضطراب التوازن في الشعور بدوخة عند تحريك الرأس أو التقلب على السرير، وعادة ما تدوم نوبة الدوار بضع ثوان. ومن المعروف أن آلية التوازن تتألف من ثلاث قنوات على شكل عروة مليئة بالسائل في الأذن الداخلية. ويعتقد الخبراء أن سبب الدوار الموضعي المتناوب الحميد يتمثل في أن كريستالات كربونات الكالسيوم الصغيرة تعلق في القنوات الثلاث مما يؤدي إلى تضرر آلية التوازن. وقد يحدث هذا الأمر نتيجة إصابة بالرأس.
ويتم تشخيص هذه الحالة عن طريق تثبيت الرأس في وضعية معينة لمراقبة حدوث الرأرأة (تذبذب المقلتين السريع اللاإرادي). ويمكن أن ينجم هذا المرض أيضا بسبب وجود خلل في الأعصاب المسؤولة عن التوازن.
شهدت الساحة العلمية تطورات عديدة على صعيد معالجة الصمم عند الأطفال والبالغين، ومنها زراعة الأجهزة في القوقعة التي تهدف إلى استبدال الجزء المعطوب في آلية السمع. وعلى الرغم من أن فقدان السمع سيظل يشكل مشكلة إلا أن أعداد المصابين به سينخفض ما أن تصبح هذه العمليات متوفرة على نطاق واسع. ويصف البروفيسور جيرارد أو دوناجهو ، خبير طب الأذن في مركز كوينز الطبي في نوتنجهام، زراعة القوقعة بأنها تطور عظيم. كما أن أخصائيي الأذن والأنف والحنجرة، يعتبرون هذه العمليات من أهم التطورات الحديثة في هذا المجال. فباستطاعة هذه العملية أن تساعد الأشخاص المصابين بالصمم العصبي الناجم عن فشل أجزاء في الأذن الداخلية على تحفيز العصب السمعي.
ويعتبر هذا التحفيز الحلقة الأخيرة في سلسلة العمليات المسؤولة عن السمع كما أنها هي التي تساعد الدماغ على ترجمة الأصوات. ويوضع الجسم المزروع على عمق يقارب 3 سنتيمترات في قناة الأذن، ويتضمن أقطابا لتحفيز العصب مباشرة. وبواسطة هذا الجسم يستطيع الأشخاص المصابون بــالصمم الحاد (أي الذين لا يستطيعون سماع الأصوات التي تقل قوتها عن 75-95 ديسيبل) وكذلك الأشخاص المصابون بالصمم الشديد (الذين لا يسمعون الأصوات تحت 95 ديسيبل) والمصابون بالصمم التام. ويقول الخبراء إن تمكين الأطفال من استعادة القدرة على السمع في أبكر وقت ممكن هي مسألة في غاية الأهمية بالنسبة لتطورهم الذهني.
وأمام الأطفال الذين يعانون من مشاكل في التطور بسبب عدم القدرة على التواصل، فرصة الآن للتطور على غرار الأطفال الذين يتمتعون بحاسة سمع طبيعية، كما باستطاعتهم الذهاب إلى المدارس العادية.
أعراض الصمم
قد يكون فقدان السمع جزئيا أو كاملا، ويمكن أن يحدث في إذن واحدة أو الاثنتين معا.
اما فقدان السمع الناجم عن التقدم في العمر فله أعراض واضحة ، حيث تصبح الأصوات ضعيفة وغير واضحة. ولا يستطيع الشخص المصاب بهذا النوع من الصمم سماع أصوات حروف “ف” و”س” و”ز”، وبالتالي تصبح المحادثة صعبة. وهناك أعراض أخرى تشمل الطنين وفقدان التوازن والشعور بالدوار.
وهناك نوعان من الصمم حسب الجزء المعطوب من الأذن. فتحدث الإصابة بالصمم التوصيلي عندما تفشل الأصوات في الوصول إلى الأذن الداخلية، وقد يعود هذا الأمر إلى وجود خلل في طبلة الأذن أو في العظام الثلاثة المتصلة في الأذن الوسطى (العظم المطرقي وعظم السندان العظم الركابي).
وغالبا ما يحدث الصمم التوصيلي نتيجة انسداد الجزء الخارجي من قناة الأذن بسبب مادة شمعية تفرزها الأذن تسمى الصملاخ. ويمكن أن يصاب الأطفال بالصمم التوصيلي نتيجة عدوى في الأذن الوسطى.
اما النوع الثاني من الصمم فهو الصمم العصبي ، وفي هذه الحالة يتشتت الصوت بعد وصوله إلى الأذن الداخلية وربما يكون ذلك نتيجة خلل في بنية الأذن الداخلية (غالبا ما يكون خلل خلقي بسبب الوراثة أو بسبب إصابة الأم باليرقان أو بالحصبة الألمانية خلال فترة الحمل). وقد تنشأ الإصابة بالصمم العصبي، نتيجة خلل في العصب السمعي الذي ينقل المعلومات الصوتية إلى الدماغ وقد يتمثل هذا الخلل في ورم حميد يضغط على العصب. ومن الممكن أن تصاب الأذن الداخلية بأضرار بعد التعرض لأصوات عالية أو العقاقير (مثل المضاد الحيوي ستريبتوميسين) والعدوى الفيروسية أو الإصابة بمرض منيرز (فرط السائل في أجراء من الأذن الداخلية) Meniere's Disease .
العلاج
يعتبر الصمم التوصيلي حالة قابلة للعلاج ، حيث تتم إزالة الصملاخ باستخدام محقنة خاصة، ويمكن معالجة الأذن الصمغية عند الأطفال عن طريق الجراحة لنزح السائل من الأذن الوسطى. وفي حال لم يلتئم غشاء طبلة الأذن من تلقائه، وفي أغلب الأحيان يلتئم، فيمكن ترميمه جراحيا.
وأما بالنسبة للصمم العصبي فيتم علاجه في غالب الأحيان باستخدام أجهزة سمعية مساعدة، ذلك لأن بنية الأذن الداخلية حساسة جدا لا تستطيع تحمل عملية جراحية. وتقوم الأجهزة المساعدة بتضخيم الصوت الذي يصل إلى الأذن الداخلية. وقد حققت الأجهزة التي تزرع في القوقعة والتي تتضمن أقطابا تعمل على تحفيز العصب السمعي، نجاحا كبيرا في إعادة القدرة على السمع للأطفال الذين يعانون من صمم تام منذ الولادة.
التهاب قناة الأذن الخارجية
في هذه الحالة ينتفخ جلد قناة الأذن ويصبح لونه أحمر. وغالبا ما يرافق ذلك خروج مادة من الأذن بالإضافة إلى الشعور بألم شديد، ولكن ما لم يسد الصديد قناة الأذن، فلن تتأثر القدرة على السمع.
ومن أسباب التهاب القناة الارتفاع الموضعي في درجة الحرارة نتيجة الإصابة بعدوى بكتيرية (ستافيلوكوكسي).
وقد يتسبب فيروس القوباء بظهور تقرحات ولكن الالتهاب قد ينجم أيضا عن اضطرابات جلدية أشمل مثل الاكزيما أو الالتهاب الجلدي الدهني. ويمكن تشخيص الحالة باستخدام منظار الأذن، كما يمكن تحليل الصديد لتحديد البكتيريا أو الفيروس المسؤول.
وبالنسبة للعلاج ، يقوم المختص بتنظيف وتجفيف الأذن. ويمكن أيضا استخدام العقاقير التي تشمل مضادات حيوية على شكل قطرات أذن أو مضادات فطرية أو عقاقير الكورتيكوستيرويد (لمعالجة الالتهاب).
وفي حال كانت الإصابة حادة وكانت قناة الأذن ضيقة، يمكن توصيل العقاقير بوساطة أنبوب خاص. ويعتقد أن عدم توصيل العقاقير إلى المكان الصحيح، يمكن أن يكون السبب في تفاقم بعض حالات التهاب الأذن الخارجية.
التهاب الأذن الوسطى
تشمل أعراض هذه الحالة الشعور المفاجئ بألم في الأذن والصمم والطنين وارتفاع درجة الحرارة، وقد ينز الصديد عبر طبلة الأذن. ويمكن أن تحدث الإصابة بالتهاب الأذن الوسطى، نتيجة عدوى في الجهاز التنفسي العلوي ، حيث يمكن أن ينتقل الفيروس أو البكتيريا إلى القناة السمعية التي تربط مؤخر الأنف بالأذن الوسطى.
ويؤدي الالتهاب إلى تضيق أو إغلاق القناة ومن ثم يتجمع السائل الناجم عن الالتهاب، في الأذن الوسطى. ويعتبر الأطفال أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالتهاب الأذن الوسطى لأن القناة السمعية عندهم قصيرة.
ويمكن تشخيص الحالة بوساطة منظار الأذن ومن ثم تأكيد الإصابة بالعدوى عن طريق القطالة (المادة التي يتم نزعها من مكان الإصابة بوساطة أداة تسمى القطيلة). ويشمل العلاج استخدام المضادات الحيوية ومسكنات الألم وغالبا ما تكون فعالة. وفي الحالات الشديدة، من الممكن أن يتم ثقب غشاء الطبل من أجل إزالة الصديد.
الأذن الصمغية
يتمثل المؤشر الوحيد للإصابة بالأذن الصمغية في فقدان السمع وقد يتجلى ذلك عند الأطفال من خلال عدم استجابتهم للأصوات. وتنشأ هذه الحالة من تراكم السائل اللزج في الأذن الوسطى التي لا تستطيع تصريفه بسبب انسداد القناة السمعية. وقد يحدث الانسداد بسبب تضخم الزائدة الأنفية. وكنتيجة لذلك، يعمل السائل على إعاقة العظام التي تنقل الاهتزازات (الأصوات) إلى الأذن الداخلية. وقد تنشأ الإصابة بالأذن الصمغية نتيجة الإصابة بالرشح أو بأنواع أخرى من العدوى الفيروسية في الجهاز التنفسي العلوي ، ويقول الخبراء إنها أكثر انتشارا بين الأطفال الذين يعانون من الحساسية.
وفي حالات الإصابة المتوسطة يلجأ الأطباء إلى وصف قطرات أنفية تعمل على فتح القناة السمعية وعادة ما يتم التخلص من العدوى في غضون ثلاثة أشهر.
وفي حال تبين أن الزوائد الانفية المتضخمة هي المسؤول عن الحالة المرضية، من الممكن استئصالها بعملية جراحية.
ومن جهته، لا يؤمن بعض جراحي الأنف والأذن والحنجرة بأن طريقة تقويم عظم الجمجمة أو أية طريقة بديلة أخرى، يمكن أن تعالج هذه الحالة. ويجب أن تتم إزاحة السائل عن طريق ثقب غشاء الطبل حيث يتم إدخال أنبوب خاص في الأذن لتصريف السائل المخاطي عبر القناة السمعية.
ويقول المراقبون إن الإصابة بالأذن الصمغية شائعة عند الأطفال وهناك مخاوف من أن هؤلاء لا يتلقون العلاج في وقت مبكر نظرا لاتباع سياسة “المراقبة الحذرة” لمعرفة ما إذا كانت حالة الطفل المصاب ستتحسن خلال ثلاثة أشهر. وقد أشار مؤخرا الخبير مارك هاجارد من مركز أبحاث السمع في مدينة نوتنجهام البريطانية، إلى أن فقدان السمع الناجم عن الأذن الصمغية يمكن أن يقود إلى مشاكل تعليمية وسلوكية في المرحلة المتقدمة من الطفولة.
وفي مقالة نشرتها مجلة “لانسيت” المتخصصة، قال الخبراء إن الإصابة بالأذن الصمغية قد تنجم عن بروتينات من المعدة تتجمع في الإذن الوسطى بسبب ما يسمى “الارتداد المعدي”. فقد أجرى فريق من الباحثين في جامعة نيوكاسل بقيادة الدكتور أندريا تاسكر اختبارات على التركيب الكيميائي لعينات من سائل الأذن من 54 طفلا، ووجدوا أن 45 عينة (85%) تحتوي على بروتينات المعدة. ويرجح الخبراء أن العصارة المعدية تسبب الالتهاب في الأذن الوسطى الأمر الذي يجعلها عرضة للإصابة بعدوى بكتيرية. وعليه، فإن توفر علاج يمنع تلك المواد الكيميائية من الوصول إلى الأذن، يوفر نوعاً من الوقاية.
تصلب الأذن
تشير الإحصائيات إلى أن واحدا من كل 200 بالغ يعاني من تصلب الأذن وغالبا ما تحدث الإصابة في مرحلة مبكرة من البلوغ، وفي بعض الأحيان خلال فترة الحمل. وتشمل أعراض هذه الحالة الوراثية التي تسبب صمما متزايدا، سماع أصوات مكتومة والطنين وفي بعض الأحيان الشعور بالدوار. وقد يصعب تمييز الأصوات ذات النبرات العالية، وغالبا ما تكون الأذنان مصابتين.
وتنشأ هذه الحالة عن النمو الزائد للعظم الركابي في الأذن الداخلية مما يؤدي إلى تصلبها، غير أن سبب حدوث ذلك غير معروف حتى الآن على الرغم أن الإصابة بتصلب الأذن هي أكثر الأسباب شيوعا التي تكمن وراء فقدان السمع عن البالغين تحت سن الأربعين. ويتم تشخيص الحالة عن طريق اختبارات السمع.
ويشتمل العلاج على استخدام أجهزة مساندة للسمع، ولكن يمكن تحقيق أفضل النتائج من خلال الجراحة التعويضية التي يتم فيها استبدال العظيم الركابي بآخر اصطناعي. ويقول الخبراء إن هذا الإجراء يمكن أن يعيد للمريض 90% من القدرة على السمع ولكنها في حالات قليلة جدا يمكن أن تتفاقم حالة الصمم.
طنين الأذن
تتلخص أعراض هذه الحالة في رنين مستمر أو صفير أو صوت هسيس قد يبدو إنه ناشئ من إحدى الاذنين أو كليهما أو الرأس أكثر من كونه ناشئا من أي مصدر خارجي. وقد تسمع هذه الاصوات بشكل مستمر أو بشكل متقطع.
ويعود سبب الطنين إلى تضرر الشعيرات الدقيقة داخل إحدى الأذنين، حيث تقوم هذه الشعيرات بتحفيز العصب السمعي ردا على ما يحدث داخل الأذن وخارجها أيضا.
ويعتبر الطنين الذي قد ينجم عن التعرض المتكرر للأصوات العالية، أحد الأعراض الشائعة لاضطرابات الأذن الأخرى مثل الصمم ومرض “منيرز” وعدوى الأذن الوسطى وتصلب الأذن.
وفي حالات نادرة، قد ينشأ الطنين نتيجة إصابة بالرأس أو نتيجة الإصابة بالانوريسما (تمدد الأوعية الدموية).
وتختلف درجة الإصابة من شخص إلى آخر، فالبعض يعتبر الحالة معوقة جدا في حين أن البعض الآخر يتقبلها بسهولة.
والعديد من المرضى يحاول التخلص من الطنين باللجوء إلى أصوات خارجية باستخدام السماعات الرأسية. وهناك أجهزة خاصة تساعد في التحايل على الطنين، إضافة إلى أن هناك بعض العقاقير المفيدة كونها تعمل على كبح عملية النقل العصبي. وباستطاعة أخصائي علاج السمع تعليم المريض كيفية التعايش مع الحالة كجزء من المعالجة.
ويذكر أن الباحثين يستخدمون في الوقت الحالي صور مسح الدماغ لتحديد المناطق الدماغية المسؤولة المتورطة في هذه الحالة.
مرض “منيرز”
على الرغم من ندرة الإصابة بهذا المرض إلا انه معروف جدا.
وتشتمل أعراض هذا المرض الذي يصيب الأذن الداخلية، على الصمم والطنين والشعور بالدوار. وهو حالة عرضية، أي يمكن أن تمضي فترة طويلة من دون أن يعاني المريض من أية نوبة.
وخلال نوبات الدوار التي يمكن أن يسقط خلالها المريض على الأرض ، قد تتفاقم حالة الصمم والطنين.
وتتراوح مدة النوبة بين بضع دقائق وبضع ساعات. ومن الممكن أن تتفاقم حالة الصمم بعد كل نوبة. وأما بالنسبة للأسباب، فيقول الخبراء إن المرض ينشأ عن زيادة السائل في الأذن الداخلية الأمر الذي يؤدي إلى تضرر منطقة في الأذن الداخلية تسمى “التيه” (قنوات في الأذن الداخلية مسؤولة عن التوازن) أو المنطقة المجاورة التي تسمى “القوقعة” (وهي العضو المسؤول عن تمرير الأصوات إلى الدماغ).
والواقع إن سبب ارتفاع مستوى السائل لا يزال يمثل لغزا ولكنه قد يحدث بسبب الإصابة بمرض تصلب الأذن. وتشير الإحصائيات إلى إنه بين كل خمس حالات، هناك حالة واحدة فقط تكون فيها إذن واحدة مصابة بالمرض، كما انه من النادر أن يصاب الأشخاص دون الخمسين بهذا المرض.
ويتم تشخيص المرض الذي يصيب واحدا من كل 100 ألف شخص، عن طريق اختبارات السمع. ويرتكز العلاج على الرعاية أكثر من التركيز على الشفاء. وقد يلجأ المختصون إلى وصف عقاقير مضادات القيء التي يمكن أن تساعد في السيطرة على الشعور بالغثيان والدوار. كما ينصح الأطباء بالبقاء في السرير خلال النوبات، وبالإضافة إلى ذلك يمكن إجراء عملية جراحية لاستئصال “التيه” من أجل التخلص من الشعور بالدوار.
الدوار الموضعي المتناوب الحميد
Benign positional vertigo
تتمثل أعراض هذا النوع من اضطراب التوازن في الشعور بدوخة عند تحريك الرأس أو التقلب على السرير، وعادة ما تدوم نوبة الدوار بضع ثوان. ومن المعروف أن آلية التوازن تتألف من ثلاث قنوات على شكل عروة مليئة بالسائل في الأذن الداخلية. ويعتقد الخبراء أن سبب الدوار الموضعي المتناوب الحميد يتمثل في أن كريستالات كربونات الكالسيوم الصغيرة تعلق في القنوات الثلاث مما يؤدي إلى تضرر آلية التوازن. وقد يحدث هذا الأمر نتيجة إصابة بالرأس.
ويتم تشخيص هذه الحالة عن طريق تثبيت الرأس في وضعية معينة لمراقبة حدوث الرأرأة (تذبذب المقلتين السريع اللاإرادي). ويمكن أن ينجم هذا المرض أيضا بسبب وجود خلل في الأعصاب المسؤولة عن التوازن.