لا يجب معالجة الصداع بحد ذاته بل يجب معرفة سبب هذا الصداع أولا ثم معالجة المرض و أعطي مثلا الصداع الذي يرافق أرتفاع ضغط الدم, و هو صداع وعائي المنشأ و هو مفيد جدا للمريض اذ يدله بأن ضغط دمه وصل الى حدود تهدد حياته, فالعلاج يتم بأخذ أدوية أرتفاع ضغط الدم و في حال كان المريض يعرف انه مصاب بارتفاع ضغط الدم و قد تناول أدويته فانه يجب تناول كمية اضافية أو دواء آخر. (هناك خطأ يفعله الأطباء المعالجين لضغط الدم عندما يعطون المريض أدوية و يقولون له كيفية تناولها و مع السلامة!!! لأنهم يجب أن يقولوا له بأن احتمال ارتفاع ضغط دمه وارد مع هذه الأدوية بأسباب متعددة منها الشدة تناول الملح سوء صنع الدواء الخ و لذلك في حال ذلك يجب تناول الدواء الاضافي التالي أو تناول كمية أكبر), و أهم عارض لأرتفاع ضغط الدم و قد يكون الوحيد هو الصداع و بالأخص الليلي.
أكثر أنواع الصداع شيوعا هو الصداع الوعائي الذي يشمل (الصداع النصفي, الصداع العنقودي, صداع ارتفاع ضغط الدم, الصداع التالي لكل حالات الأمراض الداخلية المختلفة, صداع التوتر (اثبتت دراستي أنه وعائي حتى و لو كان السبب عضلي), صداع الادمان, الصداع العادي العارض, الخ.
النوع الثاني هو صداع الآفات الدماغية أي صداع أرتفاع التوتر داخل القحف مع المتلازمة المعروفة (صداع,ضعف تدريجي في القدرة البصرية, الغثيان والاقياء العفوي), مترافق مع علامات عصبية حسب المرض, و صداع التهيج السحائي, و غيرها من آفات داخل الدماغ.
هناك الصداع النفسي و هو صداع صعب التشخيص و يتطلب فحص كل ما سبق و وضعه دائما آخر احتمال لأنه لا يجوز وضع هذا الاحتمال الا في آخر الاحتمالات لكي نتجنب خطأ التشخيص.
طبعا هناك حالات عديدة أخرى للصداع كصداع التهاب الجيوب الأنفية الذي يأتي عادة صباحا كل يوم و يخف بعد ساعة أو أكثر من الاستيقاظ, و هناك صداع سوء النظر و غيرها.
في كل ما سبق المرض الوحيد الذي نستطيع أن نعالج الصداع و في نفس الوقت نكون قد عالجنا المرض بحد ذاته هو مرض الصداع النصفي.
في حالة الصداع النصفي الصداع هو المرض بحد ذاته, و مما يميز مرض الصداع النصفي هو تركه للمريض بشكل تام بدون أية عوارض مرضية طيلة فترة غياب النوبة الألمية حتى قدوم النوبة الثانية.
كما لاحظتم ذكرت من عوارض صداع أرتفاع التوتر داخل القحف (ضعف رؤية, صداع, غثيان, اقياء) و جميعها تحصل عند مريض الشقيقة العينية و لكن مع اختلاف كبير و هو أنه في حال و جود آفة ضمن الدماغ الصداع لا يكون بشكل نوبات و لا يترك المريض بشكل سليم تماما كما تفعل الشقيقة.
مع التذكير بأن بعض مرضى الصداع النصفي و بسبب شدة صداعهم و الخوف من المرض يضاف لديهم مع الوقت صداع يومي أو شبه يومي و هو صداع التوتر.
الحمد لله العلاج الذي وجدته يعالج كل أنواع الصداع الوعائي و ليس فقط الصداع النصفي.
و لكن كما ذكرت في حالات الصداع غير النصفي نعالج السبب و بنفس الوقت نعطي المريض المعالجة الذاتية للصداع.
طبعا هذا ليس كل شيء عن الصداع و لكن نبذة سريعة كمقدمة.
قبل أن أطرح نظريتي الجديدة عن كيفية حدوث الصداع النصفي أود أن أذكر أوجه الشبه بين الأمراض التحسسية و مرض الصداع النصفي:
من المعروف بأن مرض الصداع النصفي هو مرض ينتقل وراثيا, و كذلك امراض التحسس جميعها لها نفس مقدار الانتقال الوراثي.
من المعروف أن مرض الصداع النصفي يتحرض بعوامل متعددة خارجية (كالشمس, تبدلات حرارية, أطعمة معينة, روائح,الخ) أو داخلية مختلفة أكثرها شيوعا التبدلات الهرمونية الشهرية عند الاناث.
من المعروف أيضا في الحالات التحسسية حدوث ردات فعل جلدية (طفح جلدي) بسبب توسع شديد موضعي في الأوعيةالدموية في المنطقة التي يظهر فيها الطفح و يدل على ذلك اختفاء الاحمرار عند الضغط بالاصبع فوق الاحمرار بسبب تفريغ الأوعية من الدم, و في حالة الصداع النصفي يحدث توسع شديد في الأوعية الدموية في منطقة معينة من جلد فروة الرأس.
نظريتي الجديدة للصداع النصفي تتلخص بالشكل التالي:
مريض الصداع النصفي لديه حالة تحسسيه تجاه عوامل مؤثرة قد تكون داخلية أو خارجية تؤدي الى اطلاق نوبة الصداع النصفي. نظريتي الجديدة تربط و للمرة الأولى في الأدب الطبي بين كيفية تصرف الشرايين الدموية في جلد فروة الرأس كردة فعل للعوامل المؤثرة و بين مرض الصداع النصفي.
الذي يميز الأوعية الدموية في فروة الرأس عن باقي الأوعية الدموية في جميع أنحاء جلد الانسان, هو كون الأوعية الدموية في فروة الرأس تقوم بتوسع وعائي في جدارها كردة فعل على المؤثرات الخارجية أو الداخلية التي تتعرض لها بينما جميع الأوعية الدموية في باقي أنحاء الجلد تقوم بتقبض وعائي في جدارها كردة فعل على العوامل المؤثرة.
هذا التوسع الشديد الحاصل في جدران الأوعية الدموية في فروة الرأس يقوم بدورة بضغط شديد على النهايات العصبية الحسية المحيطة بجدران الشرايين الدموية الموجودة في فروة الرأس مما يتسبب بالصداع النصفي. و هذا يفسر لماذا يشعر مريض الصداع النصفي بالألم النابض لأنه مع كل دفقة دم تمر عبر الشريان يزداد قطر الشريان أكثر مما يزيد من شدة الصداع. أيضا يفسر الأعراض العينية المرافقة لنوبة الصداع النصفي لأن العصب الحسي المحيط بجدران الأوعية الدموية في فروة الرأس يعصب أيضا الطبقة الخارجية للعين بنهايات حسية.
هنا يفيد التذكير بآلية حدوث ألم انقراص الفقرات القطنية ففي حين يشكي المريض من ألم ينتشر الى القدم بسبب الضغط الذي يعاني منه العصب في القناة الشوكية (أي حدوث انتشار للألم على طول منطقة انتشار العصب).
في بداية نوبة الصداع النصفي التي تسبقها عوارض النسمة يحدث لدينا تقبض في بعض الأوعية الدموية داخل الدماغ (كجهاز تنبيه لحدوث طارىء ما) مما يعطي عند بعض المرضى عوارض النسمة (نتيجة نقص تروية). و هذا التقبض الوعائي في حالات كثيرة يستمر طيلة فترة نوبة الصداع النصفي و يكون مسؤولا عن جميع الأعراض العصبية المرافقة لنوبة الصداع النصفي بل و يحدد نوع الصداع النصفي الذي يصيب المريض مثل الشقيقة العينية (تقبض في أوعية القشرة الدماغية المسؤولة عن وظيفة الرؤية) أو شقيقة الشلل النصفي (تقبض في أوعية القشرة الدماغية المسؤولة عن الحركة و غالبا الحس معا) أو الشقيقة القاعدية (تقبض في فروع الشريان القاعدي في منطقة القشرة المخيخية) و غيرها من أنواع الشقيقة النادرة.
كل هذا الانقباض الحاصل في الأوعية الدموية داخل الدماغ لا يسبب أي صداع و سوف ترون أن كل هذه العوارض سوف تختفي تماما عندما نعالج السبب الرئيسي للصداع النصفي ألا و هو الصداع بحد ذاته.
أن المرحلة الألمية من مرض الصداع النصفي سببها التوسع الوعائي النشط في جدران الشرايين الدموية في فروة الرأس فقط و ان كل الصداع يتوقف تماما عند اغلاق الشريان المسبب لألم الصداع النصفي في النقاط التي حددتها لكل شريان.
ليس فقط الصداع هو الذي يتوقف بحد ذاته بل مع اختفاء الصداع تختفي كل الأعراض العصبية التي ترافق الصداع.
مثلا: لو قابلنا مريض يعاني من نوبة شديدة من صداع الشقيقة العينية فاننا سنجده يقول بأنه تحس و كأن عينه سوف تخرج من مكانها و نرى عينه حمراء و تدمع و ضيقة و لا يستطيع أن ينظر الى الضوء, اذا اجرينا له في هذه الحالة اغلاق للشريان الصدغي السطحي في المكان رقم (1) أي من أمام فتحة الأذن الخارجية و قبل أن يتفرع الشريان الى فرعين ( و هذا مهم جدا لضمان توقف الألم بشكل تام) و التأكد من اغلاق الشريان قبل التفرع يتطلب خبرة في تشريح المنطقة, فاننا سوف نجد أن المريض سوف يشعر بتوقف تام للصداع و خلال دقيقة واحدة سوف ترون كيف لون العين بدأ يعود للون الطبيعي و خلال 5 دقائق نستطيع أن نطلب منه النظر الى الضوء و سوف يرى كيف أنه ينظر الى الضوء بدون أي انزعاج.
من هذا الاختبار البسيط نستطيع أن نريح المريض نفسيا لأن أغلب مرضى الصداع النصفي يصبح لديهم مع الوقت خوف من المرض بسبب عدم وجود دواء شاف لهم.
نضع أمام المريض خيارين للعلاج و هما المعالجة الذاتية بواسطة أقواس ضاغطة فوق الأماكن المحددة و هكذا يستغني عن كل أنواع الأدوية و يزول عنه الخوف من قدوم نوبة الصداع النصفي لسهولة التخلص منها بواسطة القوس.
الخيار الثاني المعالجة الجراحية البسيطة التي تتم بالتخدير الموضعي و بدون أية آثار جانبية و تجعل المريض يتخلص من آلام الصداع النصفي بشكل نهائي.
سأضع شرح مفصل عن العلاج الجراحي و الذاتي غدا ان شاء الله.