هذه ورقة تمّ العثور عليها في الشارع لشاب اعتاد كتابة مذكّراته اليومية ويبدو أنها سقطت منه عن طريق الخطأ. الملفت أنه على ما يبدو وقعت الورقة في يد شخص آخر وقام بالتعديل عليها عن طريق شطب بعض الكلمات واستبدالها بكلمات أخرى ثم أعاد رميها في الشارع حيث وجدها وبالنهاية انتهى الآمر بها على صفحة هذه المدونة!
لكن يبدو أن من قام بتعديلها إما شخص يعمل في الرقابة على المصنفات التلفزيونية والمسرحية, أو ربما مواطن عادي لكنه من الّذين يعتقدون أنفسهم يعيشون في المدينة الفاضلة.
مهما يكن من قام بالتعديل أو بالـ (تصحيح) من وجهة نظره, سأنشر هذه الورقة كما هي مع التعديلات, هذه الورقة التي تحتوي على المذكرات …
مذكرات شاب …
من دمشق ….
استيقظتُ صباحَ هذا اليوم آملاً أن يكون يوميأقل تعاسةً أكثر سعادةً من اليوم الذي سبقه. للأسف كان التيار الكهربائي مقطوعاً معطّلاً اليوم كالعادة على غير العادة. اضطررتُ للاستحمام في الظلام وكدتُ أقع وأكسر رقبتي أكثر من عشر مرات. المهم أنني أنهيتُ استحمامي بنفسية تشاؤمية تفاؤلية حول البداية التي بدأ بها يومي هذا.
خرجتُ منالقن المنزل الذي أعيش فيه متّجهاً إلى البحث عن العمل. وقفتُ على الرصيف لأستقلّ المكرو المترو, وبعد انتظار دام حوالي خمسٌ وعشرون دقيقة تمكّنت من القفز الصعود بصعوبة بسهولة إلى المكرو المترو وجلستُ القُرفُصاء على الأرض الكرسي. كان السائق يضع أغنية (أجمل ما بالكون) (حرفيّون حرفيّون) على إذاعة ميلودي إف إم صوت الشباب. كان الطريق مليئاً بالمطبّات بالأشجار والحفر الأزهار فوصلتُ وأنا أشعر بالغثيان بالإفتتان والدوار الانبهار. في البداية كان عليّ إنهاء معاملة بسيطة في إحدى المديريّات. توجّهت إلى تلك المديرية التي يقف على بابها رجلان فتاتان خشنان حسناوتان غريبا رائعتا المظهر يحملان تحملان رشّاشاً دليل المؤسسة يبدو أن مهمتهما حراسةالمبنى استقبال المراجعين وكأننا في ثكنة معرض عسكرية فاخر. توجهت نحو الشخص الجالس في غرفة الاستعلامات وكان يأكل يعمل بشراهة بجد. سألته:”عفواً أين يقع قسم الاستثمار؟” فلم يجب لأنه كان غارقاً منهكاً بالأكل بالعمل. انتظرتُ بضعة ثواني وأعدتُ السؤال:”عفواً أين يقع قسم الاستثمار؟” فنظر لي وهو يأكل يعمل مُفنجراً مبستماً عيونه وتمتم قال بغضب بأدب :”هممففهمم بَه!” “في الطابق الثالث يا أستاذ”.
يائساً تركته يتابع أكله عمله ورحتُ أبحث عن القسم حتى وجدته فاكتشفت أن الموظفة المسؤولة في إجازة في عمل وعلي الانتظار بضعة أيام ريثما تنهي إجازتها عملها. هكذا قالت لي الموظفة الأخرى متجهّمة الوجه منفرجة الأسارير!!
قررتُ الذهاب إلى مقهى الانترنت لتمضية بعض الوقت قبل متابعة جولتي. كنتُ أريد تحميل بعض القصص والروايات المقرصنةوذلك لأنني لا أملك النقود لشراء الروايات المطبوعة أفضل القراءة على شاشة الكمبيوتر. لكن كانت الانترنت بطيئة سريعة جداً لهذا فضلتُ تصفّح بعض المواقع. دخلتُ موقع فيس بوك الاتحاد الوطني لطلبة سوريا فوجدته محجوباً فاستمتعتُ به كثيراً, دخلتُ موقع يوتيوب التلفزيون العربي السوري فوجدته محجوباً فاستمتعتُ به كثيراً,دخلتُ موقع إيلاف جريدة الثورة فوجدته محجوباً فاستمتعتُ به كثيراً. كانت هذه هي فقط المواقع التي أستمتعُ بها لهذا قررتُ الخروج لأشتري بعض الصحف. اتّصلتُ بصديقي للاجتماع به وقرائة فرص العمل الأخبار المحلية سوياً كالعادة.
- “مرحباصديق رفيق”
- “أهلاً”
- “دعنا نلتقي كالعادة للبحث عن عمل لقرائة الأخبار”
- “حسناً أراك بعد ساعة على جسرالثورة ثورة الثامن من اذار المجيدة عند مثلّث برمودا الزاوية المجاورة للمصرف العقاري”
- “أحذر احرص على المرور جانب الكشك الذي يبث أغاني علي الديك كي لا يصيبك العُصاب الذُهولي السرور الطاغي, أحتاج كامل تركيزك اليوم.”
- “تأكد أننيسأحذر من سأحرص على ذلك”
التقينا في المكان المذكور وذهبنا للحصول على بعض الصحف, عند كشك الصحف كانت العناوين متنوعة, هنالك عنوان يتحدث عن حفلةزياد الرحباني حسين الديك في مهرجان بعلبك المحبة والسلام القادم, وعنوان آخر يتحدث عن احتمالات فشل نجاح القمة العربية, وعناوين عن رفع الدعم المتوقّع عن على المازوت وارتفاع انخفاض الأسعار. بالتأكيد أخذنا الصحف الإعلانية المجّانية فقط واتجهنا للجلوس في إحدى الحدائق العامة لمطالعة الصحف.
صادفَ جلوسنا مرور فتاتين لا أدري إن كانتا جميلتين أم لا, لأن جميع الفتيات أصبحن جميلات هذه الأيام بشكل أو بآخر, كانت كلٌّ منهما ترتدي كنزة وجينزاً ضيّقين وتنتعل شحّاطة في قدمها, حسناً أعرف أنه لا بدّ أن يكون لها اسمٌ أكثرَ رقيّا لكنني أطلق هذا الاسم على أي شيء يُلبس في القدم وتظهر منه أصابع الأرجل !
قلتُ لصديقي متنهّداَ: – ” متى تعتقد أننا سنتزوج أو بالأحرى كيف سنستطيع ذلك”
أجاب: – ” هذا السؤال يشغل بال جميع الشباب هذه الأيام .. وأنت تعرف أن السبب هوفقر الحال كثرة الأشغال”
- “سمعتُ أن حكومات بعض الدول العربية تتحمّل مصاريف الشباب العازمين على الزواج”
-“هذا صحيح هذه إشاعة”
بينما كنا منهمكين في مطالعة الصحف كانت الفتاتان تمرّان من جانب مقعدنا مرّة أخرى, كان صديقي يقوم بمد رجليه عن آخرهما وهو يمسك بالجريدة امام عينيه ولم ينتبه أن هذا ادى إلى تعثّر واحدة من الفتاتين بقدمه فحدثَ أن تَدَحكَلَت ووقعت على الأرض و انشَلَحَت شحّاطتها وطارت حوالي المترين في الهواء. قبل أن نستوعبَ ما حدث وجدنا رجلاً يهرول نحونا كان يرتدي قميصاًمُشجّراَ فضفاضاً وبنطالاَ عتيقاَ أنيقاَ وقال بأنه من الشرطة وسوف يشحطنا يأخذنا إلى قسم الشرطة بتهمة التحرش.
لم تفلح جميع محاولاتنا بإقناعة بأن الأمر لم يكن مقصوداً إذ بداأن دماغه لا يستوعب أكثر من عشر كلمات بالدقيقة أنه لم يصدق. وبالفعل نادى لشخص كان معه وقاموا بجرّنا عنوةً برفق إلى قسم الشرطة القريب.
قال لي صديقي: – ”وماذا سنفعل الآن؟”
أجبته: – ” لا أدري, أنت تعلم أن المتهم هنا مُدان بري حتى تثبت براءته إدانته”
عند مدخل المخفر كان هنالك شرطيٌرث أنيق المظهر يحملُ رشاشاً لا يقدر على رفعه. تجاوزناه إلى الداخل حيث كان دهان الجدران مقشوراً لامعاً والبلاط وسخاً نظيفاً وكان هنالك غرفة يبدو أن فيها بضعة أسرّة وتخرج منها رائحة جوارب عطرة.
ثم أخذونا إلى غرفة لا تقلّسوءاَ روعةَ عن باقي الغرف كان يجلس فيها شخص ضخم وراء الطاولة. قال لنا بغضب من الواضح أنه مُصطنع:
- “أنتم تستحقون السجن على عملتكم هذهيا كلاب شباب”
قلتُ له في تردد : – ”نحنُ لم نكن نقصد أن …”
قاطعني صائحاً:
- “أخرس اسمح لي يا جحش سيّد إن تصرّفك يدل على أنك شخص واطي مضطرب نفسياً”
ثمّ أضافَ قائلاً:
- “أين أهلك أليس لكَ أهل لماذا لا يأتون لإخراجك من هذا الموقفألا يملكون النقود؟”
قال صديقي في سذاجة:” أهلي؟ لكن عمري أكثر من 18 عاماً ما علاقة أهلي كي … “
قاطعته بسرعة قائلاً :
- “نعم سأتّصل بأخي وأتدبر الأمر الآن”
أجاب:
-” نعم وبسرعة فاليوم هو الخميس ولو لم تتدبر الأمر ستنام عندنا حتى الأحد قبل أن نبتّ في أمرك”
اتّصلتُ بأخي الذي جاء بعد ساعة وأخلى سبيلنابعد أن دفع 2000 ليرة وعد المحقق أننا لن نكرر هذا العمل السيء.
في طريق العودة كان المساءُ قد حل وقد أضعنا يوماً آخر دون العثور على عمل. قلت لصديقي أن يحمد ربه أن القضية كانت قضية تحرش ولم تكن قضية حادث سيارةوإلا لكلّفتنا أكثر من هذا بكثير من النقود الوقت. لكنه ذكرني أننا لا نملك سيارة أساساً وليس هنالك أمل في هذا على المستوى المنظور!
ودّعتُ صديقي وقفزت ركبتُ إلىالمكرو المترو عائداً مرة أخرى إلى القن المنزل آملاً أن أستيقظ غداً صباحاً ويكون يومي أقل تعاسة أكثر سعادة من يومي هذا.
أوه … لقد انفصلت هذه الورقة من الدفتر, أرجو ألا أنسى إلصاقها غداً صباحاً فلا أريدها أن تضيع.
بس لا تخبرو حدا
سلام
لكن يبدو أن من قام بتعديلها إما شخص يعمل في الرقابة على المصنفات التلفزيونية والمسرحية, أو ربما مواطن عادي لكنه من الّذين يعتقدون أنفسهم يعيشون في المدينة الفاضلة.
مهما يكن من قام بالتعديل أو بالـ (تصحيح) من وجهة نظره, سأنشر هذه الورقة كما هي مع التعديلات, هذه الورقة التي تحتوي على المذكرات …
مذكرات شاب …
من دمشق ….
استيقظتُ صباحَ هذا اليوم آملاً أن يكون يومي
خرجتُ من
قررتُ الذهاب إلى مقهى الانترنت لتمضية بعض الوقت قبل متابعة جولتي. كنتُ أريد تحميل بعض القصص والروايات المقرصنة
- “مرحبا
- “أهلاً”
- “دعنا نلتقي كالعادة للبحث عن عمل لقرائة الأخبار”
- “حسناً أراك بعد ساعة على جسر
- “
- “تأكد أنني
التقينا في المكان المذكور وذهبنا للحصول على بعض الصحف, عند كشك الصحف كانت العناوين متنوعة, هنالك عنوان يتحدث عن حفلة
صادفَ جلوسنا مرور فتاتين لا أدري إن كانتا جميلتين أم لا, لأن جميع الفتيات أصبحن جميلات هذه الأيام بشكل أو بآخر, كانت كلٌّ منهما ترتدي كنزة وجينزاً ضيّقين وتنتعل شحّاطة في قدمها, حسناً أعرف أنه لا بدّ أن يكون لها اسمٌ أكثرَ رقيّا لكنني أطلق هذا الاسم على أي شيء يُلبس في القدم وتظهر منه أصابع الأرجل !
قلتُ لصديقي متنهّداَ: – ” متى تعتقد أننا سنتزوج أو بالأحرى كيف سنستطيع ذلك”
أجاب: – ” هذا السؤال يشغل بال جميع الشباب هذه الأيام .. وأنت تعرف أن السبب هو
- “سمعتُ أن حكومات بعض الدول العربية تتحمّل مصاريف الشباب العازمين على الزواج”
-
بينما كنا منهمكين في مطالعة الصحف كانت الفتاتان تمرّان من جانب مقعدنا مرّة أخرى, كان صديقي يقوم بمد رجليه عن آخرهما وهو يمسك بالجريدة امام عينيه ولم ينتبه أن هذا ادى إلى تعثّر واحدة من الفتاتين بقدمه فحدثَ أن تَدَحكَلَت ووقعت على الأرض و انشَلَحَت شحّاطتها وطارت حوالي المترين في الهواء. قبل أن نستوعبَ ما حدث وجدنا رجلاً يهرول نحونا كان يرتدي قميصاً
لم تفلح جميع محاولاتنا بإقناعة بأن الأمر لم يكن مقصوداً إذ بدا
قال لي صديقي: – ”وماذا سنفعل الآن؟”
أجبته: – ” لا أدري, أنت تعلم أن المتهم هنا
عند مدخل المخفر كان هنالك شرطيٌ
ثم أخذونا إلى غرفة لا تقلّ
- “أنتم تستحقون السجن على عملتكم هذه
قلتُ له في تردد : – ”نحنُ لم نكن نقصد أن …”
قاطعني صائحاً:
- “
ثمّ أضافَ قائلاً:
- “أين أهلك أليس لكَ أهل لماذا لا يأتون لإخراجك من هذا الموقف
قال صديقي في سذاجة:” أهلي؟ لكن عمري أكثر من 18 عاماً ما علاقة أهلي كي … “
قاطعته بسرعة قائلاً :
- “نعم سأتّصل بأخي وأتدبر الأمر الآن”
أجاب:
-” نعم وبسرعة فاليوم هو الخميس ولو لم تتدبر الأمر ستنام عندنا حتى الأحد قبل أن نبتّ في أمرك”
اتّصلتُ بأخي الذي جاء بعد ساعة وأخلى سبيلنا
في طريق العودة كان المساءُ قد حل وقد أضعنا يوماً آخر دون العثور على عمل. قلت لصديقي أن يحمد ربه أن القضية كانت قضية تحرش ولم تكن قضية حادث سيارة
ودّعتُ صديقي وقفزت ركبتُ إلى
أوه … لقد انفصلت هذه الورقة من الدفتر, أرجو ألا أنسى إلصاقها غداً صباحاً فلا أريدها أن تضيع.
بس لا تخبرو حدا
سلام